بنغازي - عدنان الراشد - محمد الحسيني والوكالات
اللواء عبدالفتاح يونس مستقبلاً الزميلين نائب رئيس التحرير عدنان الراشد ومدير التحرير محمد الحسيني (فريال حماد) |
وسط ترحيب كبير لاسيما من المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي اعتبره «تحقيقا للعدالة»، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمس أمر اعتقال بحق الزعيم الليبي معمر القذافي ونجله سيف الإسلام ورئيس المخابرات الليبية عبدالله السنوسي بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وقال المدعي العام بالمحكمة لويس مورينو أوكامبو «يجب اعتقالهم لمنعهم من التغطية على الجرائم الجارية وارتكاب جرائم جديدة. هذا هو السبيل الوحيد لحماية المدنيين في ليبيا». ولكن من غير المرجح ان يؤدي الحكم الى اعتقال القذافي فعليا مادام في السلطة وداخل ليبيا لأن المحكمة لا تملك سلطة تنفيذ أوامر الاعتقال التي تصدرها.
من جهته، قال رئيس أركان القوات المسلحة في جيش التحرير الوطني الليبي عبدالفتاح يونس انه «حتى الإسرائيليون لم يرتكبوا ما فعله رجال القذافي بحق الشعب الليبي». وأضاف يونس، الذي قاد القوات الخاصة في عهد القذافي طيلة 42 عاما قبل أن يصبح أكبر المنشقين عن نظامه في بداية ثورة 17 فبراير، في حوار خاص مع وفد «الأنباء» الى بنغازي، ان الزعيم الليبي أمر باعتماد الاغتصاب أداة حرب بمواجهة الثوار، مضيفا انه حذره في مذكرة كتبها بخط اليد قبل أسابيع من الثورة من تنامي الغضب الشعبي وحركات الاحتجاج والتظاهر في ليبيا.
رئيس أركان القوات المسلحة في جيش التحرير الوطني الليبي أكد أن الزعيم الليبي أمر باعتماد الاغتصاب أداة حرب
اللواء عبدالفتاح يونس لـ «الأنباء»: حتى الإسرائيليون لم يرتكبوا ما فعله رجال القذافي بحق الشعب الليبي رئيس أركان وقائد القوات الخاصة بالجيش الليبي اللواء عبدالفتاح يونس (فريال حماد) |
اللواء يونس متحدثا للزميلين عدنان الراشد ومحمد الحسيني |
- لم يصدق القذافي خبر انشقاقي عنه وأرسل إليّ موفداً إلى روما فنصحت الموفد بأن ينضم إلينا وألا يعود إليه
- نحن دولة يدخلها 150 مليون دولار من الإيرادات النفطية يومياً ولو صُرفت الـ 150 مليونا على مدينة من مدننا فستغير الواقع المتردي للخدمات والبنية التحتية
- نتطلع لبناء جيش دفاعي يحمينا من الخطر ولا يشكل خطراً على جيراننا.. والقذافي أرسل الجيش إلى تشاد ليتخلص منه
- أشكر الكويت وشعبها على مساندتنا وموقفهم المشرف معنا
الى متى تعود علاقتك بمعمر القذافي؟
٭ كان رفيقا لي قبل ثورة 1969 وبعد الثورة، كنا في المعسكر نفسه لكنه كان في الدفعة السابقة لدفعتنا وقضينا سنة واحدة معا في الكلية، وكانت في قصر الغدير احد قصور الملك السابقة، التقينا وتكررت لقاءاتنا عندما كنا طلبة وتكلمنا خلال التحضير للثورة. حدثنا عن مسيرتك العسكرية وتدرجك؟
٭ لم يكن عندنا قبل الثورة قوات خاصة وقوات صاعقة، كنت أول مسؤول ليبي يذهب الى مصر بعد الثورة، قابلت الرئيس وكذلك الفريق محمد فوزي وزير الحربية وقائد القوات الخاصة المصرية في ذلك الوقت سعد الشاذلي قبل ان ينتقل الى رئاسة الأركان، وكانت علاقتي به وثيقة. شكلت القوات الخاصة وأصبحت رئيسا لها وأنا أجلس في هذا المكتب منذ 41 سنة وقد خضع مؤخرا الى بعض التحسينات (يبتسم) وجددناه قليلا.
ماذا عن توليك وزارة الداخلية في عهد القذافي؟
٭ قبل 4 سنوات رشحني القذافي لمنصب وزير الداخلية (أمين اللجنة العامة للأمن العام) لكني رفضت تولي المنصب طيلة 4 شهور وقلت له: انا بالقوات الخاصة ومسؤول عن المنطقة الشرقية وانت تعرف أهمية ذلك. فأنا قد عينت قائدا للمنطقة الشرقية بعد الاشتباك المصري ـ الليبي أيام أنور السادات.
خطف المصريون 5 من ضباطنا ورفضوا إعادتهم، رددنا على ذلك بخطف 26 ضابط صف وجنديا بدل الـ 5 ورضخ السادات وتم التبادل، وانا من قام بتلك العملية، وقال العقيد القذافي حينها انه من الضروري ألا أترك المنطقة. ودعاني هو للبقاء على رأس القوات الخاصة قائلا: إذا تركتها فهذا خطر ويعني انه يجب ان أحلها لأنها القوة الوحيدة المدربة بالجيش.
وكما تعلمون نحن في ليبيا عدد أبناء شعبنا قليل لذلك فإن جندي القوات الخاصة يقوم بمهمتي المظلات والصاعقة معا ولله الحمد لقد نجحت في تأسيس وتطوير هذه القوات وقد حققنا إنجازات مهمة.
واذكر ان الرئيس السوري السابق حافظ الأسد سأل القذافي كيف استطعت ان تدخل تشاد في أيام قليلة فرد عليه: اسأل عبدالفتاح، فسألني وشرحت له ما قمنا به وأعجب بذلك وبعدها بأسبوعين أرسل لنا 25 ضابطا من رتبتي عقيد وعميد التقينا بهم، كما ارسلت سورية قوات قمنا بتدريبها على الإنزال الثقيل.
هل كنت تتوقع انهيار نظام القذافي؟
٭ كنت دائما أحسب ان يوما مثل هذا اليوم سيأتي لأن الجماهير بدأت تعرف الطريق، كنت أرى الشباب واسمعهم يتكلمون بصوت عال في المؤتمرات الشعبية وكنت أرسل ضباطي الى المؤتمرات لمتابعة ما يجري مرة كل 6 أشهر، نظام القذافي كان نظاما فرديا وأي نظام فردي يكون مزاجيا ومتهورا في أغلب الأحيان. لقد كنت مقربا جدا من العقيد القذافي ألم تحاول أن توصل الفكرة اليه؟
٭ كانت لقاءاتي به قليلة فأنا موجود بالمنطقة الشرقية وبعد أن أصبحت وزيرا أصبحت التقيه مرة في الشهر، وكنت بالفعل انقل له ما يدور في المظاهرات المتكررة خاصة احتجاجا على قطع المياه أو تردي الخدمات أو عدم دفع رواتب الموظفين لعدة أشهر في عدة مناطق وكنت أخبره بأن المتظاهرين يحرقون الإطارات ويقطعون الطرق، لكني أبلغته بأن تسلمي لأمانة الداخلية (وزارة الداخلية) مشروط بأني لن أطلق النار على الليبيين ولم يمانع بل أكد لي اننا متفقون على ذلك منذ بداية الثورة! في عهدي لم نعط حصانة للعسكري الذي يقتل بل كان يحال الى محكمة الجنايات فورا والعسكريون والناس يعرفون ذلك.
يبدو أن انشقاقك عن نظامه قد تسبب في صدمة كبيرة له لدرجة انه برر بأن هناك تهديدا لعائلتك أجبرك على اتخاذ هذا الموقف؟
٭ أرسل لي موفدا الى روما خلال تواجدي فيها بزيارة قصيرة وهو من زملائي ونقل لي ان القذافي غير مصدق قصة انشقاقي، وكان ردي على الزميل: أتوقع منك أنت ان تذهب معي الآن ولا تعود اليه. هل تتوقع ان يستسلم؟
٭ قلت لموفد القذافي: انظر لما حصل هناك 15000 شهيد ليبي (العدد أصبح نحو 17000 الآن عند إجراء الحوار)، كم أرملة وكم أما ثكلى وكم معاقا وكم جريحا في مستشفياتنا ومستشفيات العالم قد ترك القذافي؟ لقد فات الأوان وما حصل لا يمكن إصلاحه وعليه ان يستسلمكيف كانت معاملته معك؟
٭ بصراحة معاملته لم تتغير معي كان ينفعل بوجه بعض الزملاء والمسؤولين ويصل أحيانا لمرحلة شتمهم، لكن معي شخصيا لم يحصل ذلك مطلقا، كنت أقوم بواجبي دائما صح ويعلم ان علاقتي بالمجتمع والناس ممتازة، عشت في بنغازي 52 سنة. عودة الى الشق العسكري والأمني على ماذا يعتمد القذافي وكيف سالت كل هذه الدماء؟
٭ القوات الخاصة كما قلت لك رفضت ان تطلق النار على الليبيين، لكنه اعتمد في ذلك على أجهزة الداخلية وأجهزة أمنه الخاص وعلى الكتائب العسكرية. كما تعلمون كان يخشى من الجيش وانقلابه عليه في أي لحظة فقام بتفكيكه وأنشأ ما يسمى بـ «الكتائب» وهي في الحقيقة ألوية، وفي طرابلس 4 ألوية، وكذلك أنشأ كتائب في باقي المدن وهي كتائب كبرى تضم 2000 عنصر وما فوق ومزودة بالأسلحة الثقيلة والدبابات والمواقع، وجُهزت على أعلى مستوى لتساعد القوات الأمنية على قمع أي تمرد.
هل كان من الممكن تفادي الوصول الى هذه المرحلة؟
٭ صبر الشعب كثيرا ورده جاء حاسما، في يوم 21 يناير رفعت الى القذافي مذكرة حول كل ما شهده العام 2010 من مظاهرات بلغت 24 مظاهرة وحذرته فيها من إهمال وضعف وتقصير اللجنة الشعبية العامة (مجلس الوزراء) بحق المواطنين حيث ينظر هذا المجلس الى طرابلس على انها ليبيا ويهمل كل باقي المناطق. لم يستطع الشعب ان يصبر اكثر وان يتحمل اكثر مما تحمله طيلة كل هذه السنوات.
نحن دولة يدخلها صباح كل يوم 150 مليون دولار من الإيرادات النفطية لو صرفت الـ 150 مليونا على مدينة يمكن ان تغير أوضاعها للأفضل بشكل كبير، لقد تردى وضع الدولة وخدماتها بشكل مأساوي لا صحة جيدة ولا تعليم جيد وبطالة متفشية، ذكرت كل ذلك في مذكرتي التي كتبتها للقذافي بخط اليد.
كان من المفترض في اللجنة الشعبية ان تخلق الوظائف بدلا من المليارات الموجهة الى الاستثمارات في أفريقيا لأن الاستثمار في شبابنا هو أهم استثمار.
يحملك القذافي مسؤولية السقوط السريع لبنغازي ويقول لولا عبدالفتاح لكنت أنهيت المشكلة في أسبوع.. ما رأيك؟
٭ لقد قمت بما يتوافق مع ضميري وواجبي تجاه بلدي، هو يقصد ان موقفي شجع كثيرين من الوزراء والسفراء والضباط على اتخاذ موقف مشابه لأن انشقاقي عن نظام القذافي كان مؤشرا على جدية الثورة وانها بالفعل ثورة حقيقية قام بها شبابنا، أنا أفهمهم وكنا شبابا ونعرف الحماس، لقد وصل عدد الشهداء الى 17000 وانتهج القذافي أساليب دنيئة، لقد قال مثلا لضباطه ان يتوجهوا الى مدينة ككلة ويقولوا لأهلها: سلمونا رجالكم أو نقتل نساءكم ونغتصبهم. اعتمد الاغتصاب كأداة حرب، حتى الإسرائيليون لم يرتكبوا ذلك ولم يهددوا غزة يوما بمثل هذا الأمر.
هل يتوقع من يقوم بمثل هذه البشاعات والارتكابات بأن يستمر في حكم ليبيا. لا يمكن.
ما دور القوات الخاصة حاليا في معارك الغرب؟
نحن ندعم الثوار وأهالي المدن الذين يتولون هم قيادة المعارك ونزودهم بالذخائر والأسلحة المتاحة، ونقدم الإسناد الممكن عند الحاجة. ولا تنسوا ان بين من يقاتلون معه أعدادا كبيرة من المرتزقة وهم يخافون على حياتهم بعكس الثوار الذين يتسلحون بقوة القضية والموقف، لقد سيطر الثوار على الشرق وأحكمنا القبضة على اجدابيا لأنها عقدة المواصلات بين الغرب والشرق محطمين بذلك طموحاته بالعودة ونعمل على حماية المنشآت النفطية من التدمير قدر المستطاع.
هل عثرتم على معتقلين بالسجون بعد سيطرتكم على المناطق؟
٭ نعم في بنغازي مثلا كان هناك 3600 سجين بجرائم عادية، هربوا جميعا وفي كتيبة الفضيل بوعمر وجدنا بعض المعتقلين تحت الأرض واطلقوا. ماذا عن مستقبل الجيش الليبي وعقيدته؟
٭ كل دولة لابد ان يكون لديها جيش يحمي ترابها ويجنبها المفاجآت عندما تتعرض للخطر. ولكن هناك فرق بين جيش دفاعي وجيش هجومي مهيأ للغزو، نحن الآن نتطلع لدولة ديموقراطية يكون فيها صندوق الاقتراع هو الفيصل لتحديد الحاكم ومن ينجح بالانتخابات يقود البلاد من رئيس وبرلمان ومجلس شيوخ وحكومة بما يحقق الشفافية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان وبموازاة ذلك بوجود جيش وطني ودفاعي.
هل أنتم ملتزمون بالمجلس الانتقالي كمرجعية سياسية حاليا؟
٭ بلا شك فهو منبثق عن الناس والثورة وسيبقى كذلك الى حين سقوط النظام وإجراء انتخابات واختيار قيادة سياسية جديدة. كيف هو تنسيقكم مع مصر حاليا؟
٭ المشير طنطاوي من أعز الناس عندي وصديق أعرفه منذ سنوات طويلة، عندما أزور مصر الشقيقة لابد ان التقي معه، موقف مصر حذر ونتفهم ذلك فهم يخشون قيام نظام القذافي بأعمال انتقامية جنونية تجاه المواطنين المصريين في غرب ليبيا ممن لم يغادروا في حال اتخاذ موقف واضح ضده. كم تتوقع ان يصمد؟
٭ الأمر يتعلق بعدة عوامل، لكن الحلقة تضيق من حوله نصف طرابلس انتفض اليوم. هل ستستمر في الخدمة العسكرية أو ستنتقل للسياسة؟
٭ نحن نخدم بلدنا من أي موقع، سنؤدي دورنا الآن حتى تشكل أول حكومة منتخبة، قضيت أكثر من 40 سنة على رأس القوات الخاصة وقمت بمهام كثيرة وصلت الى نيكاراغوا والفلبين ومؤخرا تولت هذه القوات تأمين القذافي في زياراته الخارجية خلال السنوات الأخيرة، وانا مرتاح لما قمت به. كلمة أخيرة؟
٭ أشكر الكويت وشعبها على مساندتنا وعلى موقفهم المشرف وأشكر كل الدول الشقيقة والصديقة على مواقفها معنا، نحن سنطوي صفحة عهد سيئ ونتطلع لمستقبل مشرق لليبيا داخليا في علاقاتها مع اشقائها العرب والعالم وشكرا لكم على زيارتكم لبلدنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق