ردود ليبية : حول تخرّصات عبد الباري عطوان
بقلم : محمد القعود
لا يبدو أن عبد الباري عطوان ينوي " ترك الليبيين وشأنهم " على رأي السيد عبد الرحمن شلقم في تلك المطالبة الشهيرة للقذافي، فهو يطل علينا من جديد وقد اختلفت طريقة تصريحاته التي تبدو مقيتة لحدّ لا يطاق هذه المرة فينتقل من مرحلة التصريح بالعداء للشعب الليبي وثورته حين اتهامه لنا في بداية الثورة بوجود تنظيم القاعدة ضمن صفوف الثوار إضافة الى سيل من مقالاته التي يسرّب فيها معان ضارة كل مرّة إلى مرحلة أخرى يبدو أنه قد تجهّز لها جيدا تقضي بضخ معلومات مغلوطة وتحليلات غريبة بعيدة عن الواقع وعكس ما هو موجود تكريسا لغرض ما لا تبدو معالمه واضحة بشكل دقيق لكنه مضّر بليبيا الى الحد الذي يجعلنا نتخوّف منه ومن تأثيره حاليا وفي ليبيا ما بعد القذافي كذلك .
في لقاء تلفزيوني له مع إحدى القنوات العربية يتأسّف عطوان على القذافي الذي لم يسقط طائرة واحدة للتحالف وان كان قد انتقده بنعومة في بداية اللقاء، ثم ينتقل الى مرحلة لم يبلغها القذافي نفسه بتقسيمه كل الليبيين إلى "مع" و"ضد " تدخل الناتو لحماية المدنيين في ليبيا في ارساء خبيث ومتعمّد لهذا المعنى ثم يلمّح الى احتمالية قيام حرب أهلية منتقلا الى تخرصات لاندري سنده فيها بأن المجلس الوطني لا يحوي إجماع كل ليبيا وأنه مكون من مناطق معينة وللعجب فهو في اللقاء يقول ان طرابلس هادئة وكذلك الزاوية التي يعلم الله وحده الأهوال التي ستتكشّف حين تنجلي هذه الغمّة وتدخل اليها وسائل الإعلام ثم يسقط مصراتة وصمودها الأسطوري من تحليلاته ليتجّه رأسا إلى أن الناتو سيقرّر سياسات ليبيا ما بعد القذافي وهو ما سيسبب انقساما حتميا بنظر عطوان ، وأخيرا وليس آخرا يتحفنا بمقالة أكثر بؤسا مما سبق عن ثوّار ليبيا واسرائيل في صحيفته القدس العربي .
عبد الباري عطوان يفقد مصداقيته وجمهوره يوما بعد يوم في نظري ونظر كثيرين فهو يقع في متناقضات ليس أكبرها أنه معجب ببن لادن في حين أنه يحذر الغرب من القاعدة المزعومة في ليبيا ثم إنه ابتدأ يفتقد للحس الصحفي المتوازن في تفكيره وتحليلاته لمجريات الأحداث حيث ينطلق في تحليلاته مرة من واقع خبرته كما يدعي ومرة أخرى من تقارير صحفية لم تثبت صحتها وغيرها نقلا عن جريدة نقلت عن مصدرآخر، مما يخرجه من دائرة الحياد الى دائرة التحيز المطلق لأفكاره عازفا على أوتار العروبة والقومية وكراهية الأجنبي التي يعلم قطعا أن لها مناصرين ومؤيدين مستعدين لغض البصر عن جرائم القذافي بحقنا وإن أفنى كل الشعب الليبي وبقى هو مرددا لشعاراته التي لم تفعل شيئا سوى جرّنا الى مستنقع العقوبات والحصار والعزلة الدولية ولم تحرر فلسطين ولم تمنع غزو العراق فقط هي لعبت الدور الذي يريده الغرب في تلك المرحلة والذي يقضى باستمرار الهتاف والهتاف فقط حتى الموت.
إنني أستغرب من عطوان كيف لم تقده عروبيته المزعومة الى الانحياز للشعب الليبي والقذافي يرتكب بحقنا جرائم لم يسبق أن سجلها التاريخ ردّا على مطالبنا العادلة في الحرّية والتغيير أو حين يبعثر القذافي مليارات ليبيا في افريقيا وغيرها مشتريا للذمم ونخّاسا للمرتزقة والدراويش . أليست فلسطين أولى بها أيها العروبي كاره الامبريالية والتدخل في شؤون الدول الاخرى؟ أين أنت من القذافي وإلقائه بالفلسطينيين على الحدود الليبية المصرية في التسعينيات ألا تحرك فيك هذه الوقائع شيئا ؟ أم أن قبعة العروبة تلبسها حسب الحاجة وحسب الظروف؟ هذه وغيرها لا يستطيع عطوان وغيره الحديث حولها متعللين بعدم وجود المعلومة من طرف محايد مرة وبطببيعة المرحلة مرّات في حين ينطلق هو وغيره في ما يخص شؤون ثورتنا من منطلق أي شائعات صحفية لا تسمن ولاتغني من جوع كتقريره لشائعة مغرضة تقول باتصال المجلس الوطني بإسرائيل كحقيقة دامغة يروج لها في صحيفته كما يروج لسواد مرحلة مابعد القذافي حيث يبدو أنه يسوؤه ما ستصير عليه ليبيا من ديقراطية ورخاء وخير لليبيين وللأمّة الإسلامية بعد زوال القذافي فينطلق متطرّفا ولوحده مبشرا بحرب أهلية وبجحيم لم نهدد به حتى في التصريح سيئ الذكر لسيف القذافي بداية الثورة.
يا عبد الباري ، عليك وحدك يقع عبء إثبات كل هذه التخرصات والادعاءات فالبينة على من ادّعى، نريد منك إثباتا لما قرّرته كحقيقة واقعة عن اتصال اتصال المجلس الوطنى الانتقالي باسرائيل ، كما نريد منك دليلا على وجود القاعدة في ليبيا وعلى حد علمي فإنك صحفي فذ تستطيع التنقل الى جبهات القتال ولا تخاف أوار الحرب ولا أزيز الطائرات لكننا لم نرك على خط المواجهة في ليبيا لتقف على الحقيقة وتنقلها تقريرية واقعة إلى جمهورك بعيدا عن آرائك الشخصيّة وواقع "خبرتك".
ثوّار ليبيا يا عبد الباري هم أنبل وأفضل وأرقى ما في ليبيا وهم فخرها وعزّها ، فاجؤوا العالم كما فاجؤوك بقتالهم بقلوب عامرة بالإيمان لكتائب العار القذافية التي تعمر جيوبها بالفياغرا والواقيات الذكرية وهم رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه لن يتهاونوا في العلاقة مع إسرائيل أو أي مرتزق من مرتزقة القذافي سواء أكان مجندا في الكتائب أم سياسيا أم إعلاميا أم مؤسسة صحفية فلا تزايد عليهم ولا تشوههم ولا تصفهم بثوّار الناتو، تعلم أنت وغيرك أن تدخل التحالف أولا ثم الناتو لحماية المدنيين جاء بقرار شرعي للأمم المتحدة بناء على طلب من الجامعة العربية بعد الهول الذي رآه العالم كلّه من آلة الحرب الهوجاء للقذافي ومرتزقته وتعلم أيضا أن القذافي قد أضعف الجيش الوطني الليبي إلى حد كبير واستبدله بكتائب خاصة تتبع له ولأبنائه ما يجعل حالتنا مختلفة عن مصر وتونس وما يجعل محاولة تشويه ثورتنا لأنها دوّلت بالرغم عنّا لفارق القوة، وإنّك لوكتبت عنّا وأنت في ليبيا تحت القصف في مصراتة وغيرها أو تحت حصار دام شاق في جبل نفوسة وسط انقطاع للكهرباء وانعدام للخدمات الأساسيةوالصحيّة لاختلف رأيك حتما بخصوص التدخل الدولي في ليبيا لحماية المدنيين .
إننى - كمواطن ليبي حر لي كل الحق في الذود عن وطني من كل ما يسئ إليه - أدعوك لمناظرة علنية بأي وسيلة اعلامية ولك مطلق الحرية في اختيار وسيلة الإعلام التي تراها مناسبة، كما نطالبك بالاعتذار العلني عن هذه التخرصات التي اضرت بشعب آذيته وأمعنت في أذيته.
هل تبدو لك تهمة - تأليب الرأي العام ومحاولة نشر الفرقة والفتنة في ليبيا وتقرير حقائق أضرت بشعب كامل بناء على إشاعات لم تثبت- هل تبدو لك تهمة مسلية تضمن لك الشهرة؟ نحن لن نضمن لك الشهرة ولكننا نضمن لك ملاحقتك قضائيا حتى تثبتها أو تتراجع عنها وستكون فرصة ليتمرس فيك قضاء ليبيا الجديدة وسنضمن لك ملاحقة عادلة لا يكون فيها للإشاعات ولا للمرتزقة الإعلاميين أي دور يذكر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق