إجمالي مشاهدات الصفحة

السبت، 4 يونيو 2011

خالد المجبري: ليس بعد كل هذه الأرواح و الدماء

الكاتب : خالد المجبري
 





لافتة جدا تلك التصريحات والمبادرات التي صارت تصدر عن بعض الساسة والتنظيمات متحدثة عن عدم إمكانية الحسم العسكري وعن ضرورة إيجاد حل سلمي للوضع الليبي ،واللافت أكثر أن تصدر بعض تلك التصريحات من قادة في حلـف شمال الأطلس الناتو  NATO والتي كان آخرها ما قاله رئيس الحلف نفسه راسموسن عن عدم إمكانية حل الأزمة في ليبيا عسكريا ,
وكان بعض هؤلاء قد برر رؤيته تلك بأن الثوّار لم يكن في إمكانهم الاستفادة من الضربات الجوية التي تقوم بها طائرات الحلف ضد أسلحة كتائب القذافي .
ونسي هؤلاء في ظل ما صار يحوط بهم من عدم وضوح في الرؤية أنهم هم أنفسهم اختاروا وقرروا منذ البداية الحسم العسكري ضد نظام القذافي بعد أن كانوا قد قرروا وأعلنــوا عدم شرعــيته في الاستمرار في حكــم ليبيا وحين كانت مؤشرات هذا القرار واضحــة وجلية وترجمت في ضربات مركزة وقوية ضد تلك الكتائب ومواقعها استفاد الثوّار منها بالفعل وحققوا تقدما ملحوظا على الأرض وكان يمكن لهذا التقدم أن يستمر ويحسم الكثير من الأمــور لولا ذلك التراخي أو التراجع الذي حدث  في زخم تلك الضرباتــ الجوية عددا ومواقعا ،وهو الأمر الذي رسم ومازال العديد من علامات الاستفهامــ وآثار العديد من النقاشات عن الأسباب والدوافع والمبررات .وبالطبع فقد كانت ردّات الفعل الشعبية في ليبيا قويّة وصريحة ومعبّرة بوضوح عن خيبة أمل في أداء حلف الناتــو ومتهمة إياه بشبهة عقد صفقة سرية مع معمّر القذافي , وموجهة أصبع الاتهام مباشــرة إلى أحــد أعضاء الحلف وهو تركيا .
ولا شك أن لهذه الشكوك والاتهامات أكثر من بينية ودليل .:-

الأولى: هي كيف يستقيم عقلا ومنطقا أن تقرر دول الحلف أو تعلن أن معمر القذافي فقد شرعيته ثم تستقبل أو ترسل إليه موفدين ينادون فيما بعد بضرورة الحل السلمي ويذهبون إلى حد القول أن معمر أو أحد أبنائه سيكون طرفا في هذا الحل .

الثانية : التقاعس الواضح عن استهداف قوات القذافي التي تحاصر وتدك مصراتــه وزواره والجبل الغربي، الأمر الذي يشير إلى أن ضوءا أخضرا يعطي للقذافي لاحتلال تلك المدن مما يعني أنهم يناقضون تصريحاتهم المعارضة لتقسيم ليبيا، ناهيك عن إعطاء القذافي ورقة يؤيّد بها ادعاءاته  حول أن الثورة فقط في شرق ليبيا وأن الثوّار هم من يريدون تقسيم ليبيا والاستفراد يحكم شرقها .

الثالثة : كيف يمكن فهم أنه رغم حجم المراقبة البحرية والجوية وما قيل من تجميد كل أرصدة معمر القذافي فإنه مازال يستقبل برا وبحرا الآلاف من المرتزقة وإمدادات الأسلحة والوقود من دول مختلفة .

الرابعة : إنه لأمر غريب أن يرى قادة الحلف كل هذا الذي يفعله معمر القذافي من قتل وسفك للدماء والاعتقال والتعذيب وهدم للمنشئات النفطية بما فيها تلك البعيدة في الصحراء ولا يقررون من جانبهم الحسم العسكري الذي يقولون أن الثوار لم يعودوا قادرين عليه ، في حين أن هذا الحسم العسكري هو ما يستقيم مع تصريحاتهم حول ان القذافي قد فقد شرعيته .

أمّا من جانبنا نحن فإنه بعد كل هذا الذي جرى وبعد كل هذا العدد من الشهداء والجرحى والمفقودين ، وبعد هذا الكم من الخسائر وقبل كل ذلك ما صدر عن القذافي وأبنائه من تهديدات بالقتل والسفك واستباحة المحارم والأعراض .
بعد كل هذا لم يعد هناك مجال لأن نقبل أو حتى نتحدث عن تسوية سلمية تقول أن القذافي أو أحد أبنائه هو أحد أطرافها .
إن ما نقبل به من حديث عن حل سلمي هو فقط ذلك الذي يكون لاحقا لخروج القذافي وعائلته ، وإذا كان أردوغان  أو بعض رؤساء الدول الأفريقية يطرحون مبادرة سلمية فلتكن أولى بنودها أنهم يستعدون لاستقبال القذافي وعائلته للإقامة في تركيا أو غيرها . أما غير ذلك فلا . وألف ألف لا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق